عندما تتأمل عقارب الساعة ودورانها، وتستغرق في سحرها وجمالها، باحثًا عن لهفة نفسك حين دقات ثوانيها؛ فهذه الساعة لك، وصممت خصيصًا لعلو ذائقتك، وبُعد تأملك، وإشباع لهفتك والفن الذي تناديه نفسك، بل وتتنفسه وتراه مرآةً لها ولجمالها، وحتى تفاصيلها تكمن في طيات روحك.
نعم، إنها:
ساعات Skeleton أو الساعات الهيكلية
ماهي الساعات الهيكلية Skeleton؟
لا تختلف الساعات الهيكلية عن الاعتيادية، غير أن أجزاءها الداخلية مكشوفة؛ أي أن آلية عملها وما تحدثه لتحريك أدق الثواني مكشوفًا للعيان عبر فتح الميناء أو بعض أجزائه؛ ليتيح للناظر رؤية التروس والينابيع والعجلات، أي رؤية العمل الداخلي المعقد.
فالساعات الهيكلية تسحر الناظر إليها وتجذبه لحركاتها عاكسةً براعة الصانع ودقته في تصمبم وتصنيع أدق المواد في هذه التحفة الفنية.
· · · · · • • • • • • • • • ✤ • • • • • • • • • · · · · ·
كيفية عمل الساعات الهيكلية
يغلب على الساعات الهيكلية كونها أوتوماتيكية، ولذا فهي تتكون من النابض الرئيسي الذي بدوره يخزن الطاقة الميكانيكية، وأيضًا سلسلة من العجلات والتروس والجسور، فالطاقة المخزنة بالنابض تنتقل عبر التروس إلى العجلات -المتصلة بعقارب الساعة- التي بدورها تتحرك بشكلٍ منتظم للتحكم بالعقارب فتعرض الوقت بدقة على الميناء الظاهر في وجه الساعة.
ولا تقتصر الساعات الهيكلية على الأوتوماتيكية، بل جميع الساعات حتى ساعات الجيب قد تكون هيكلية، إذ هي ليست ساعةً فحسب، بل تحفة يتفنن صانعوها ليغرقوا محبيها في دقيق تفاصيلها.
ويكمن اختلافها عن الساعات الاعتيادية، أن صانعوها وفنانوها المتقنون يقلصون جميع المعادن غير الأساسية، أي أنه كلما قلت أدوات ومعدات الساعة زاد معدل اتقانها، وازدادت جماليتها. غير أن الأكثر جاذبية بها هو النقش المتقن والتصميم المتفرد المميز لها، وبه ارتقت في عالم الساعات!
· · · · · • • • • • • • • • ✤ • • • • • • • • • · · · · ·
أول ساعة هيكلية تعود للقرن الثامن عشر، في 1760 صممت من قبل الفرنسي بيير أوغستن كارون دي بومارشيه، صانع ساعات لدى ملك فرنسا لويس الخامس عشر، وكانت قبل تقاعده مباشرة، إذ صممها ابتداءً كساعة جيب مزيلاً الميناء لمعرفة آلية الساعة.
رغم قدم صنعها إلا أنها لم تحظى برواجها بين الناس سوى النبلاء منهم ولفترةٍ وجيزة، حتى القرن العشرين حين أعادت أوديمار بيغيه تصميم هذا الابتكار فلاقت رواجًا وشيوعًا، وباتت رمزًا للأناقة والتميز والتفرد.
· · · · · • • • • • • • • • ✤ • • • • • • • • • · · · · ·
إن النظرة الانطباعية لهذه الساعة هي التفرد والتميز ويهواها النبلاء رفيعي المستوى.
فبم تميزت؟
- الجمال البصري
إن الكشف عن الآليات الداخلية للساعة يضفي جمالًا فريدًا وجاذبية مذهلة، إذ تعتبر قطعة فنية في ذاتها.
- الحِرفية والدّقة
حين لا يكون في الصنع ستار أو كمون، تظهر الحرفية الحقيقية والفن الأخّاذ والعمل المتقن، إذ أن الملأ أجمع سيقيّم ويعلم أدق تفاصيل الصنع، مما يجعلها ساعات رقيقة ذات حرفية عالية.
- التميز والتفرد
بحسب ما ذكر أعلاه من خصائص ومميزات بل شروطًا لتصنيعها، جعل هذا النوع من الساعات محدود الصنع.
· · · · · • • • • • • • • • ✤ • • • • • • • • • · · · · ·
انتشرت الساعات الهيكلية من تسعينات القرن الماضي، ولا زالت تلقى رواجًا وشهرة عالية، مما أهرع غالب الماركات العالمية إلى صناعتها والتفنن في تصنيعها.
وهذه أبرز الماركات التي تميزت بتصنيعها لهذا الفن:
- أوديمار بيغيه
- كارتييه
- إمبوريو أرماني
- باتيك فيليب
- ريتشارد ميل
· · · · · • • • • • • • • • ✤ • • • • • • • • • · · · · ·
وبعد هذه النظرة السريعة على هذا الفن، الساعات الهيكلية (Skeleton) هي ليست بل لم تكن أداةً لمعرفة الوقت، بل هي فن وتحفة فنية ابتداءً، وهي العاكسة لمشقة صانعوا الساعات وفنانوها، صادعةً لدقيق صنيعهم وعلو حرفيتهم للعالم أجمع، هي المرآة الحقيقية لعالم الساعات.
